رواية قلبي وعيناك والايام بقلم رحاب ابراهيم
الليال ..فكر بسخرية أنه قيس النسخة الجديدة..والأكثر عذابا..والأتعس حظا! نطق بصوته الأجش المليء بالشجن والحنين قائلا للسائق أن يذهب به..... لذلك المكان الذي زاره مرات كثيرة خلال سنوات ماضية..ولكنه امتنع عن زيارته لأكثر من شهرين مؤخرا...وأعتقد أنه يتداوى! ظن وهمي بالشفاء ... وكأن الذكريات شفاءها الابتعاد عن أماكن التصقت بها بعض المشاهد الساكنة بسير الوتين... تساءل السائق في تعجب _ طب مش هتروح المستشفى يا دكتور وجيه رد وجيه وهو يعود بنظرته للنافذة وأكتفى بالقول _ لأ ... وكما عاهده السائق...قليل الكلام...إجابته بأقل عدد من الكلمات ! وقفت السيارة السوداء أمام محل قديم..له باب معدني فضي يجر من أعلى لأسفل للأغلاق والعكس إذا فتح... نظر إليه وجيه للحظات ثم ترجل من السيارة بخطوات يبدو عليها التردد! گ الذي أصابه الإدمان لشيء يبغضه ولكنه مرغم عليه حتى يستعيد هدوئه. وقف بجسده المنيف الذي يغطيه معطف طويل أسود يناسب فصل الشتاء الراهن العڼيف.. قطرات مياه المطر تنزلق من بين كلمات مكتوبة باللون الأبيض من تلك اللوحة الزرقاء الشاحبة المتقشرة...المدون عليها اسم المكان محل الزهور قال وجيه للسائق بنظرة متمعنة للوحة... وبإشارة من أصبعه... ودون الاستدارة _ أرجع أنت يا علي.... تساءل السائق علي وهو ينظر للرجل الموالي ظهره في ثبات _ أسيب العربية ولا أرجعها البيت يا دكتور رد وجيه باختصار _ سيبها...أنت أجازة النهاردة... استدار وجيه هذا المرة ليخرج شيء من جيبه ثم وضع عدة أوراق نقدية بيد السائق ....ابتسم علي بخفاء وراقه تلك الإجازة التي لم يطلبها والمدفوع ثمنها أيضا وغادر عائدا لمنزله...أوقف سيارة أجرة وأختفى من الطريق... أقترب وجيه من الباب الفضي ثم أخرج ميدالية مفاتيحه الخاصة التي من ضمنها المفتاح الخاص بهذا المكان... والذي أصبح ملكه بعد عام واحد من الفراق أي من تسع سنوات...عندما أعلن المالك هذا المحل للبيع لضرورة السفر...وتم البيع انحنى وفتح القفل الحديدي الذي تآكل من الصدأ بعض الشيء... بسبب مياه الأمطار الغزيرة لسنوات عدة....جر الباب للأعلى ليتضح أمامه..... ملف الذكريات طاولة زجاجية مستطيلة عليها بعض أصص الزرع لعدد من سلالات الزهور التي ذبلت حتى المۏت...وجر أخرى بكل الأرفف الزجاجية التي تملأ الجدران ذي اللون الازرق... المليئة بأحواض فارغة من النباتات...وأطلال زهور اللافندر والريحان ...وخلف الطاولة ماكينة كهربائية لتصوير الأوراق والمستندات...بجانب أصص زهور اللافندر. يستطع رغم ذلك استنشاق رحيقها...الماضي يأتي بكل ما فيه... حتى الروائح تأتي من الحنين إليها ! وعلى يمينه أهم شيء ...الأقرب إلى قلبه المقعد الهزاز من خشب الباولونيا.... الثابت بجانب أرفف صغيرة مكتبية...بها عدد من دواوين الشعر والقصص الرومانسية العالمية منها والعربية....التي كانت تعشقها. أقترب بخطوات متزنة...تنقلت نظرته بين الكتب المائلة على بعضها بفوضى عارمة...المكان يغط في الفوضى ورغم ذلك